بطلات هزمن السرطان: التحدي والعزيمة وحب ودعم الأهل كانت مصدر قوتنا في المعركة الشرسة
أجرى اللقاء: وليد جمعه
«لم يعد هذا المرض الخبيث مصدرا للرعب ينذر بدنو الأجل، ما دامت هناك عزيمة وإرادة قوية في التغلب عليه يدعمها أمل يعطي القوة وإيمانا ينير الدرب لقهر هذا المارد والقضاء عليه». هذا ما تكون لدينا من انطباع لدى مقابلتنا مجموعة من البطلات اللاتي دحرن مرض السرطان بكل قوة وعزيمة ليروين لنا حكاياتهن مع هذا المخيف ليثبتن للجميع أنه من رحم اليأس يولد الأمل ليتحدى بقوة كل معاناة ويحول نظرات التعاطف بالمجتمع الى نظرات انبهار بانتصاراتهن وتحديهن للسرطان.
«الأنباء» التقت 4 من البطلات المتعافيات من مرض السرطان بعد أن هزمن هذا المرض الخبيث بعد مسيرة صعبة على طريق مهده الصبر وذللته العزيمة وأناره الأمل لينتهي بانتصار مؤكد يقدم مثلا ويمنح يقينا لكل من أصابه هذا المرض انه قادر على هزيمته، ليذكرن قصصهن في تلك المعركة الشرسة وكيف تمكن من تحقيق الانتصار المؤزر والشفاء من هذا العدو الفتاك.
تفاصيل الحكايا في السطور التالية:
البداية، كانت مع الطفلة جوري الراجحي ذات السنوات العشر صاحبة الوجه الملائكي والابتسامة الخجولة التي أخفت إرادة قوية كما ترى في نفسها ونراها جميعا جاءت جوري مع والديها اللذين غمراها بنظرات المحبة والفخر طيلة اللقاء. وعن إصابتها بالمرض، أخبرنا والدها بأنه تم اكتشاف إصابتها بسرطان الدم منذ كان عمرها 4 أشهر لتبدأ منعطفا قاسيا من طفولتها دام سنوات وسافرت مع والديها الى لندن لتلقي العلاج إلى ان كتب الله تعالى لها تمام الشفاء رغم تشكيك الأطباء في تعافيها وتأكيدهم في البداية أن نسبة الشفاء لن تتخطى 40%، ولكن بعد رحلة علاج طويلة دامت 9 سنوات كتب الله لها الشفاء الكامل لتعمل اليوم خلال وجودها معنا على منح الآخرين القوة والأمل.
تحدثت جوري بابتسامة ملؤها الأمل عما تذكره آنذاك قائلة كنت قوية ولم أخف من المرض ولكن ما أزعجني ان المرض عطلني عن إكمال دراستي، أما اليوم فسأعود لاستذكار دروسي، مشيرة إلى انها تحب الرسم ولعلها استطاعت التعبير عما بداخلها من خلال هذه الموهبة.
وعن شعورها بعد تعافيها، قالت «أشعر أني قوية»، لتكمل حديثها عن حلمها باستكمال دراستها التي تأثرت فيما مضى بالمرض، قائلة إنها تريد ان تصبح طبيبة لتعالج جميع الأطفال الذي يمرون بظروف قاسية كتلك التي مرت بها، مضيفة ان رسالتها للأطفال ان يكونوا أبطالا مثلها ولا يخافوا المرض فهم أقوى من السرطان.
ضيف ثقيل
كذلك كان من بين الأسماء التي التقتها «الأنباء» البطلة المتعافية حنان الخالدي التي أصبحت من الناشطات والمشاركات بشكل دائم في الحملات التوعوية بشهر أكتوبر من كل عام عن ذلك الخبيث الذي حل ضيفا ثقيلا على حياتها مرتين.
تحدثت حنان عن اكتشافها المرض للمرة الأولى عام 2012 وكيف تعافت منه قائلة: ارتبط مرض السرطان بالخوف من الموت وارتبط سرطان الثدي بالخوف من انتشاره بأي جزء من الجسد وارتبط في ذهني ان سرطان الثدي يصيب الكبيرات بالعمر وغير المرضعات، حيث لا توجد توعية، أما اليوم فمعظم المتعافيات يقمن بمشاركة أمل لدعم أخريات يمررن بنفس التجربة.
وتابعت الخالدي: لاحظت تغييرا في شكل ثديي ولكني لم أبد اهتماما في بادئ الأمر إلا انه بعد مرور 3 أشهر مع استمرار هذا التغيير ذهبت لمراجعة الطبيب وبدأت في إجراء الفحوصات وأخذ خزعة من الورم لتتأكد مخاوفهم انه سرطان لتبدأ مرحلة العلاج الذي كانت بدايته مع الكيماوي.
وتابعت: يظن الجميع أن هذه المرحلة ترتبط بمفهوم المعاناة حتى الموت لكن هذا مفهوم خاطئ، فقد كنت أمارس حياتي بشكل طبيعي جدا بعد مرور وقت تضعف فيه المناعة، وكل من حولي كان داعما لي عبر نظرات الحب في عيون من حولي وتشجيعهم لي وقبل كل هذا إيماني بأن كل شيء إنما هو بفضل من الله، وانه سيمنحني قوة للشفاء وأفادت بأن السرطان ما هو إلا تجربة للشخص المصاب الذي يحدد كيف يخوض تجربته إلى أن يعود للحياة الطبيعية فالحياة مستمرة.
وعن إصابتها للمرة الثانية، قالت الخالدي: اكتشفت المرض مبكرا أثناء إجرائي الفحوصات السنوية، ضعفت إرادتي للحظة ولكني تحديت كما بالمرة الأولى وتم استئصال الورم، ولم أفقد قوتي بل زادني إصرارا على مشاركة الأشخاص المصابين معاناتهم ونشر طاقة إيجابية وإقناعهم أن الخوف والخجل ثقافة خاطئة.
مصدر القوة
أما المتعافية البطلة مي العلي فأوضحت في حديثها لـ «الأنباء» أنها أصيبت أيضا مرتين بمرض السرطان، وقد اكتشفت إصابتها للمرة الأولى مبكرا، كانت تبلغ عامها الثامن عشر حين تعرضت لشبه غيبوبة استمرت 3 أيام فسارع والدها لنقلها إلى المستشفى وبدأت في عمل الفحوصات اللازمة وظهرت نتيجة الفحوصات وتم تشخيص المرض انه ورم بالغدة النخامية. وتابعت: خلال 15 يوما أجريت لي عملية استئصال وأمضيت بالمستشفى مدة شهرين ولكن ما بعد العملية كانت فترة حرجة جدا وعصيبة قبل أن أتعافى.
وعن إصابتها للمرة الثانية، قالت: بعد مرور 20 عاما لاحظت تغيرات بالثدي، وكنت أتلقى علاجا حتى أتمكن من الإنجاب فتوقعت انها تغيرات هرمونية ما أخبرت طبيبي المعالج وما كنت سأخبر الطبيب خشية أن يوقف علاجي فكل ما تمنيت من رب العالمين ان أرزق بطفل وما تخيلت انه سرطان.
وأضافت: بعد مرور سنتين كان الورم متزايدا وفي ذلك الوقت قمت بعملية زراعة 3 أجنة ولم يكتب لهم الحياة فلم تكن إرادة القدير ان يحيوا، فذهبت للطبيب بعد مرور 4 شهور فطلب إجراء فحوصات «ماموجرام» وجاءت النتيجة صادمة بالنسبة لي انه تم تحويلي لمستشفى حسين مكي جمعة فتملكني الخوف ولكن وجدت مصدر قوتي فيمن حولي في دموع ابني وزوجي ومحبة اخواتي وخوفهم عليها، مما أعطاني قوة التحدي لأحيا ليس لأجلي بل لأجلهم فهم يستحقون.
وأضافت مي أن مجرد الإعلان عن الإصابة بالسرطان هو أمل في الشفاء وإن بدا بعيدا، كما أن ما مررت به من تغييرات في شكلي لم يفقدني ثقتي في جمالي ولم أعتزل العالم بل كنت أنظر إلى نفسي بالمرآة وأردد أنني جميلة أثناء مرضي وبعد التعافي وسأظل جميلة، وأضيف أيضا أنني مازلت قوية لأتحدى المرض وأتغلب عليه إذ أصابني للمرة الثالثة.
معركة التعافي
كما روت لنا المتعافية البطلة حصة البرجس قصة إصابتها بالسرطان قائلة: اكتشفت الورم ولم أبد اهتماما لظني أنه مجرد تغيير عادي بيد أنه مع استمرار الورم شهرا كاملا توجهت للمستوصف وبدأت في إجراء الفحوصات اللازمة، ومع أنني توقعت إصابتي بالسرطان ذات يوم إلا أنني صدمت وسرعان ما قررت أن أتعايش مع المرض وأخضع للعلاج.
وأوضحت البرجس: كثيرا ما كان يراودني خوف من عدم التعافي، وخوف من أنني قد أسافر لتلقي العلاج ولا أعود ثانية لأولادي ولعلها أصعب مرحلة مررت بها، لكنني دوما كنت مؤمنة بأننا لا نكتب أقدارنا لكن نستطيع أن نتعايش مع كل ما يطرأ على حياتنا وتحويله لما هو أفضل بقوة إيماننا، وبالفعل تقبلت مشيئة الله في حياتي بكامل إرادتي وفي حالة من الرضا بما قدر لي.
وعن المعاناة التي واجهتها قالت إن ما كنت أعانيه من ألم لم يكن بسبب السرطان بل من العلاج الكيماوي، فقد أنهكني نفسيا وجسديا، وتم تأجيل جلسة إلى أن استرددت عافيتي وأكملت علاجي حتى تعافيت، ودائما ما كنت أناجي الله شاكرة إياه لاختياره لي للعبور من هذه التجربة وتحملها حتى تمام الشفاء.