لانطلاق فعاليات الدورة الثانية من “جائزة التميز الرقمي لأفضل المؤسسات المالية العربية 2020”
السيدات والسادة،،،
أودّ في البداية التقدم بجزيل الشكر للأخوة في المنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على تعاونهم مع إتحاد المصارف العربية للسنة الثانية في عقد هذه الفعالية، والتي تهدف إلى منح جائزة “التميز الرقمي لأفضل المؤسسات المالية العربية”.
وأتقدم بالشكر والتقدير للمؤسسات المالية العربية المشاركة في هذه المنافسة، وعلى جهودهم من أجل التميّز في مجال التحوّل الرقمي وإعتمادهم على المزيد من التكنولوجيا في تطوير خدماتهم ومنتجاتهم.
كما أخصّ بالشكر والتقدير للأخ الصديق محمد بن عمر – الأمين العام للمنظمة العربية لتكنولوجيا الإتصال والمعلومات والشكر موصول أيضاً لأهل الصحافة والإعلام.
كما أشكر جميع المشاركين في هذه الفعالية، وأعبّر عن جزيل سعادتي برؤيتكم.
السيدات والسادة،،،
شهد قطاع التكنولوجيا المالية Fintech خلال السنوات الماضية ثورةً كبيرة في مجال الأنظمة المالية، بحيث بات هذا القطاع يلبي الكثير من الحاجات والخدمات المتعلقة بالعمليات المالية المختلفة، وبطرق متقدمة تنافس إلى حد كبير الخدمات المالية التقليدية من حيث السرعة والتكلفة. ونجحت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في تقديم حزمة متنوعة من الخدمات المالية، ومن ضمنها خدمات المدفوعات، والعُمُلات الرقمية، وتحويل الأموال، والإقراض والتمويل الجماعي، وإدارة الثروات، بالإضافة إلى خدمات التأمين.
وقد أدّى تطوّر قطاع شركات التكنولوجيا المالية إلى نشوء تحدّ ومنافسة للمؤسسات المالية والمصرفية التقليدية، الأمر الذي دفعها إلى إدخال تغييرات في نماذج أعمالها من خلال التوسّع في الإعتماد على التكنولوجيا والإستثمار في البنية التحتية الخاصة بها. وقام بعضها الآخر بالدخول في شراكات مع الشركات الناشئة بهدف تعزيز قدراتها التنافسية وزيادة الإعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات المالية.
مع الاشارة الى ان إبتكار المصارف في الخدمات المالية ليس بظاهرة جديدة، حث أنه على مدى العقود القليلة الماضية شملت الإبتكارات المالية بطاقات الائتمان في الستينيات، وأجهزة الصراف الآلي والصيرفة عبر الهاتف في السبعينات والثمانينات، والمنتجات المالية الجديدة في أعقاب تخفيف القيود التنظيمية في التسعينات. كما سهّلت الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والتطبيقات المصرفية على الهواتف الذكية إجراء التعاملات المصرفية عن بُعد، والتي لا تتطلب التفاعل وجهاً لوجه بين العملاء وموظفي المصارف.
إلا أنّه في ظلّ تزايد المنافسة الناشئة من قبل شركات التكنولوجيا المالية، أصبحت المؤسسات المالية والمصارف العربية بحاجة إلى الإعتماد على مزيد من التكنولوجيا المالية لضمان إستمراريتها، والتوجه نحو مزيد من التطوّر والإبتكار والسرعة والشمولية.
السيدات والسادة،،،
أدّت التكنولوجيا المالية إلى تغيير هيكل الخدمات المالية، وجعلها أسرع، وأرخص، وأكثر أمناً وإتاحة، خصوصاً للشريحة الكبيرة من السكان التي لا تتعامل مع الجهاز المصرفي. وعليه، أصبحت التكنولوجيا المالية وتطبيقاتها المختلفة تمثل فرصاً وتحديات في الوقت عينه للمصارف والمؤسسات المالية الأخرى، كما بدأت تتغير بشكل كبير طبيعة ونطاق المخاطر المصرفية كما هي مفهومة تقليدياً نتيجة لتزايد الإعتماد على التكنولوجيا المالية. ولكن في مقابل ذلك، في حين أن هذا التغيير قد يؤدي إلى مخاطر جديدة، فإنها يمكن أيضاً أن تفتح فرصاً جديدة للمصارف، وللعملاء، وللقطاع المصرفي بشكل عام، وللجهات الرقابية أيضاً.
ولذلك، يتوجّب على المصارف والجهات الرقابية النظر في كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على سلامة ومتانة النظام المصرفي، وتطوير الإبتكار في القطاع المالي والمصرفي. ومن شأن هذه المقاربة المتوازنة تعزيز سلامة ومتانة المصارف والإستقرار المالي، وحماية المستهلك، وتعزيز الإمتثال للقوانين والتشريعات، بما في ذلك قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، دون الإضرار بالإبتكارات النافعة في الخدمات المالية، وخاصة تلك التي تستهدف الشمول المالي.
من جهة أخرى، إنّ سرعة التطوّر في خدمات التكنولوجيا المالية (Fintech) والشركات الناشئة التي تقدم الحلول المبتكرة للخدمات والأنشطة المالية المختلفة التي تُحاكي ما تقدمه القطاعات المصرفية وتقوم بتبسيط العمليات المصرفية، يشكّل تهديداً يجب التحوّط منه وإتخاذ كافة الإجراءات الإحترازية التي تحقق سلامة ونزاهة وإستقرار القطاع المصرفي والمالي.
ومع ذلك، فمن السابق لأوانه إستنتاج كيف ستتطور هيكلية سوق الخدمات المالية مع مرور الوقت إذ يمكن للمصارف إما أن تُنافس أو تشتري أو تتعاون مع مزودي الخدمات الجدد أي الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وبالتالي يمكن أن تصبح الأسواق أكثر تجزؤاً أو أكثر تركّزاً.
السيدات والسادة،،،
يُعزى الجانب الأكبر من التحسّن في الشمول المالي على مستوى العالم إلى تطوّر الحلول الرقمية والتوسّع في الدفع عبر الهاتف المحمول وشبكة الإنترنت، وتبنِّي الحكومات نُظُم دفع الرواتب والمعاشات ومستحقات الضمان الإجتماعي من خلال تحويلات مصرفية. وعلى سبيل المثال، إرتفعت نسبة البالغين ففي العالم العربي الذين قاموا بإجراء عمليات المدفوعات الرقمية، إما الدفع أو الإستلام، من 20% عام 2014 إلى نحو 26% عام 2017 (وهي آخر بيانات متوفرة).
وتتميّز التكنولوجيا المالية بأنها أسرع وأرخص وأسهل ويمكن لعددٍ أكبر من الأفراد الوصول إليها من خلال الإبتكارات التي تساعد على تقديم الخدمات المالية للشريحة الكبيرة من المواطنين العرب التي لا تتعامل مع الجهاز المصرفي، حيث لا يحصل حوالي 160 مليون نسمة أو 63% من البالغين في العالم العربي على خدمات مالية رسمية، ولا يتعامل نحو 40% من الفقراء مع المصارف بسبب ارتفاع التكاليف، أو بُعد المسافات، أو المتطلبات المرهقة والمعقدة لفتح حساب مالي.
كما تساعد التكنولوجيا المالية في التصدي للتحديات الحرجة أمام تعزيز الشمول المالي والنمو الإحتوائي وتنويع النشاط الإقتصادي، من خلال الإبتكارات التي تساعد على تقديم الخدمات المالية وإتاحة مصادر التمويل البديلة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتيسير التجارة الخارجية والتحويلات، بتوفير آليات تتسم بالكفاءة وفعالية التكلفة للمدفوعات العابرة للحدود.
السيدات والسادة،،،
لمواكبة التطورات التقنية العالمية ومنحى التحول الرقمي، قام اتحاد المصارف العربية بإنشاء وحدة جديدة ضمن الأمانة العامة تحت مسمى وحدة التحول الرقمي “UABdigital”، حيث تهدف هذه الوحدة إلى المساهمة والنهوض باستراتيجيات التحوّل الرقمي في المصارف والمؤسسات المالية الاعضاء لدى اتحاد المصارف العربية، وبناء القدرات للكوادر المصرفية الأعضاء حول كيفية ترشيد الإستثمار في التقنيات الناشئة.
كما وقّع الإتحاد حتى تاريخه 15 مذكرة تفاهم مع مؤسسات عالمية رائدة في مجال التحول الرقمي سواء في مجال التكنولوجيا أو التدريب أو الابتكار وتصميم تجارب العميل المعتمد مثل المعهد العالمي للإبتكار Global Innovation Institute، NexisLexis – فرنسا، EPAM Systems -الولايات المتحدة الأميركية ، EarlyBirds – استراليا.
وتسعى الأمانة العامة لاتحاد المصارف العربية تسعى للتعاون مع البنوك المركزية العربية لتطوير البيئة التجريبية (Sandbox) لإبتكارات التكنولوجيا المالية (FinTech) وتكنولوجيا الامتثال (RegTech)، وتقديم المساعدة الفنية والمشورة لرسم وتنفيذ خارطة طريق لإطلاق العملة الوطنية الرقمية (CBDC) وذلك لمواكبة النمو في الإقتصاد الرقمي.
السيدات والسادة،،،
بالعودة الى موضوع فعاليتنا اليوم، يأتي إطلاق هذه الجائزة السنوية لتثمين وإبراز جهود القطاع المصرفي والمالي العربي في تقديم الخدمات الرقمية وتطويرها، بالإضافة إلى تشجيع وتحفيز جميع الجهات المعنية على المضي في تقديم خدمات متميزة وحلول رقمية مبتكرة لجميع الأطراف المنتفعة من خلال تطويع أحدث تقنيات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتطوير هذا القطاع الحيوي.
وأودّ أن أشير إلى أن النسخة الحالية للمسابقة لسنة (2020) تتميز بخصوصية جديدة وهي إشراك قطاع المؤسسات البريدية إلى جانب البنوك والمصارف العربية، حيث شهدت الخدمات المالية الرقمية البريدية تطوراً مُطَّرِداً في عديد من الدول العربية خلال السنوات الأخيرة. وبناءًا على نتائج النسخة الأولى من المسابقة، ستواصل النسخة الثانية تسليط الضوء ومتابعة جهود المؤسسات المالية العربية (بما في ذلك القطاع المصرفي والبريدي)، في وضع استراتيجيات رقمية تهدف إلى تطوير وتقديم خدمات مالية رقمية مبتكرة. وذلك لأجل تحقيق الريادة في المجال واكتساب ولاء عملائهم والمساهمة في الجهود العالمية نحو تحقيق الشمول المالي.
ومن خلال مسابقة ” التميز الرقمي للمؤسسات المالية العربية – 2020″ فإننا نهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية وهي :
التعريف بالخدمات المبتكرة التي تقدمها المؤسسات المصرفية والمؤسسات البريدية العربية وتعميمها على المنطقة باعتبارها قصص نجاح في تبني التحوّل الرقمي لتطوير خدمات مالية رقمية مجدّدة.
تحقيق الشمول المالي الرقمي داخل المنطقة العربية وتحديداً في المناطق الأقلّ حظاً من التنمية وداخل المناطق المعزولة، مع إبراز دور التطور التكنولوجي في تمكين جميع المواطنين من الخدمات المصرفية والمالية.
زيادة وعي المواطن العربي بمدى موثوقية الخدمات المالية الرقمية والحلول الإلكترونية التي تقدمها المصارف والمؤسسات البريدية العربية لكسب ثقتهم وتحسين ولائهم وتعزيز شعورهم بالراحة والأمان.
في النهاية أعيد التنويه بالجهود الكبيرة التي تقوم بها المصارف والمؤسسات المالية العربية في الإعتماد على التقنيات الحديثة في الرقمنة، والإجراءات التي يتم إعتمادها في التحول الرقمي.
ونحن اليوم نعقد هذه الفعالية بهدف تشجيع هذا التوجه وتقدير الإنجازات المميزة في التحوّل الرقمي.
وشكراً لإصغائكم،،