نوال السعدني، ” عندما يصبح الإفراط في الإيجابية عبئًا، فأنت تعاني من الإيجابية السامة”
على الرغم من أنّ للإيجابية والتفاؤل العديد من الفوائد، لكنّها قد تصبح في بعض الأحيان غير مفيدة، بل ومدمّرة أيضًا. لن تكون الإيجابية مفيدة حينما تدفع الأفراد للشعور بالعار وتأنيب الضمير، أو بأنه لا قيمة لهم بسبب شعورهم على نحو معيّن. الأمل ليس مفيدًا حينما يقف في وجه الإحساس الطبيعي بالمشاعر المختلفة، أو حين يتجاهل حدّة الموقف وشدّته، وهذا ما نسميه بالإيجابية السامة. فتقول مدربة الحياة المشهورة، نوال السعدني، ” إن الإيجابية السامة هي كيفية إنهاء المعاناة بأي وسيلة، مثل استخدام الجمل العامة التي تعطي شعورًا بالرضا، يمكن أن يخلق تنافرًا معرفيًا ويزيد الأمر سوءًا في النهاية.”.
النص:
قد يكون من الجيد جدا تشجيع شخص محبط تهتم به، أو حتى تشجع نفسك بالبقاء إيجابيا، والنظر إلى الجانب المشرق. فالشعور الجيد، هو دافع معقول، حين يكون الشخص الذي أمامك محبطا، غاضبا أو حزينا، فمن المتوقع أن تساعدهم للتوقف عن الإحساس بهذه المشاعر السلبية ويستعيضوا عنها بالشعور بالسعادة. وكما قد تكون هذه النصيحة مبنية على نوايا حسنة، قد تنحرف إلى مسار آخر يطلق عليه “الإيجابية السامة”. فما هي الإيجابية السامة؟ ما ي سلبياتها وكيفية التخلص منها؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، تقدم مدربة الحياة الأولى في الشرق الأوسط، نوال السعدني، معلومات مفصلة حول هذا الموضوع وذلك لتوعية الناس عموما ومتابعيها خصوصا حول خطورة الإيجابية السامة. عرفت نوال السعدني الإيجابية السامّة بأنّها التعميم الشامل والمفرط لمفهوم السعادة والتفاؤل ممّا يؤدي إلى حالة من النكران والتقليل من شأن المشاعر البشرية الفطرية الأخرى، كالحزن والألم والخيبة. وأضافت أيضا، ” إحاطة أنفسنا فقط بالإيجابية الزائدة هي مجرد آلية نسخ أخرى لنفصل أنفسنا عن الحقائق التي نرفض مواجهتها.”
في الواقع، لا ينبغي كبت المشاعر الصعبة أو ما يسمى بـ “المشاعر السلبية” أو قمعها أسوأ من ذلك، لأن المشاعر غير المعالجة على المدى الطويل ستظل تظهر من خلال مجموعة من الأعراض النفسية و / أو الجسدية. تعد مشاعر الغضب والإحباط والحزن وما يسمى بالعواطف السفلية جزءًا لا يتجزأ من نطاق المشاعر التي يجب أن نعيشها ومعالجتها كجزء من طبيعتنا البشرية.
لذلك، فإن مواجهة الإيجابية السامة هو أمر ضروري جدا وذلك لتقبل ما يسمى بـ “المشاعر السلبية”. عود نفسك على الشعور بالمشاعر الحقيقية. فبدلًا من محاولة تجنب المشاعر الصعبة، امنح نفسك الإذن للشعور بها. هذه المشاعر حقيقية وصحيحة ومهمة، ويمكن لها توفير معلومات مفيدة في المساعدة على رؤية الأمور المتعلقة بالموقف الذي تحتاج إلى العمل على تغييره. وهذا لا يعني بالضرورة أنه يجب عليك التصرف بناءً على كل عاطفة تشعر بها. فأحيانًا يكون من المهم الجلوس مع الذات وإعطاء النفس الوقت والمساحة الكافية لمعالجة وفهم الموقف قبل اتخاذ أي إجراء. لذلك عندما تمر بشيء صعب، فكر في طرق إعطاء فرصة لمشاعرك لتظهر حقيقتها بطريقة مثمرة. تهدف هذه التحسينات الصغيرة إلى مساعدتنا في قبول المشاعر السلبية والتعامل معها دون رفضها أو قمعها. الرضا الحقيقي لا يمكن أن يأتي إلا من توازن العواطف.
باختصار، إن الأمر لا يتعلّق بأن تكون متفائلاً على الدوام أو متشائمًا طوال حياتك، وإنّما ما يهمّ حقًا هو أن تكون صادقًا مع نفسك ومشاعرك في كلّ الأوقات. إن كنت شخصًا ترى الجانب الممتلئ من الكأس في كلّ شيء، فهذا أمر رائع بلا شكّ، لكن تأكّد أنّ مشاعرك هذه ليست على حساب أحاسيس أخرى تكتمها وتكبتها.